في تعليق لمذيع شهير من اللي في المقدر اليومين دول.. شبه موقف احد السياسيين بحمار طروادة، والظاهر أنه لم يقرأ تاريخا ولا فتح كتابا ليقول له أنه حصان وليس حمارا .
وأنه قد ظلم الحمار والحصان بهذا التشبيه . فلا عاد الحصان .. ولا عاد الحمار.
واخينا .. ذكرنى بجحا ، ففي احد نوادره مع حماره .
قابل حمار حمارا آخر فقال له كل مايقابلني احد يقول لى ياحمار . فرد زميله الحمار يعني ايه حمار .
والأمثلة كثيرة .. في السياسة و الادب وغيرهما .
فقد قيل عن آخر خلفاء بني أمية مروان .. أنه كان شجاعاً بطلاً لا يفتر عن محاربة الخوارج حتى ضُرَب به المثل في الشدة فقيل «أصبر في الحرب من حمار» .
وﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1898 ﺯﺍﺭ ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﻏﻠﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺩﻣﺸﻖ.. ﻓﺨﺮﺟﺖ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻋﻦ ﺑﻜﺮﺓ أﺑﻴﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻪ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻻً حافلاً. وﺧﻼﻝ ﺍﻻﺳﺘقبال ﻭﻋﻨﺪ ﻣﺪﺧﻞ ﺍﻟﻘﻠﻌﺔ.. ﻻﺣﻈﺖ ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺓ ﺯﻭﺟﺔ ﻏﻠﻴﻮﻡ ﺣﻤﺎﺭﺍً ﺃﺑﻴض ﺟﻤﻴﻼً ﻓﺄﺛﺎﺭ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻬﺎ. ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﻭﺍلي دمشق حينها ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﺎﺻﻢ ﺑﺎﺷﺎ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ ﺑﻪ ﻟﻜﻲ ﺗﺄﺧﺬﻩ ﻣﻌﻬﺎ ﺫﻛﺮﻯ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﻟﻴﻦ .
ﺭﺍﺡ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ .. ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺪعى ( أبو ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺗﻠﻠﻮ )، ﻄﻠﺐ منه ﺇﻫﺪﺍﺀ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺯﻭﺟﺔ ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﻓﺎﻋﺘﺬﺭ . ﻏﻀﺐ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﻭﻋﺮﺽ على أبو الخير ﺷﺮﺍﺀ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ , ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺃﺻﺮّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻓﺾ ﻭﻗﺎﻝ :
” ﻳﺎ أﻓﻨﺪﻳﻨﺎ، ﻟﺪﻱ ﺳﺘﺔ ﺭﺅﻭﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﻞ ﺍﻟﺠﻴﺎﺩ .. ﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺓ ﻫﺪﻳﺔ دون مقابل .ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻓﻼ.
ﺍﺳﺘﻐﺮﺏ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻭﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺒﺐ ..
ﺭﺩ ﺗﻠﻠﻮ ﻣﺒﺘﺴﻤﺎً : ﺳﻴﺪﻱ ﺍﺫﺍ أﺧﺪﻭﺍ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ إﻟﻰ ﺑﻼﺩﻫﻢ.. ﺳﺘﻜﺘﺐ ﺟﺮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻨﻪ ﻭسيسأﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻨﻴﻦ ﻫﺎﻟﺤﻤﺎﺭ ؟ ﻓﻴﺮﺩﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ : ” ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻡ" ، أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺒﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺤﻤير؟ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻦ أﻗﺪﻣﻪ ﻟﻬﺎ ﻭﻟﻦ ﺍﺑﻴﻌﻪ .
ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﻟﻼﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﻭﺍﻻﻣﺒﺮﻃﻮﺭﺓ ﻓﻀﺤﻜﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍً , ﻭأﻋﺠﺒﺎ ﺑﺎﻟﺠﻮﺍﺏ .
ﻭﺃﺻﺪﺭ ﺍلإﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺃﻣﺮﻩ ﺑﻤﻨﺢ ﺗﻠﻠﻮ ﻭﺳﺎﻣﺎً ﺭﻣﺰﻳﺎً ..
والعبرة أن .. هناك اناسا يخافون على سمعة بلادهم من أن تمسها الألسن بالسوء ... وهناك حمير تبيع البلد بما فيه .
وفى القصة الشعبية الفرنسية .. أن رجلا اشترى لأول مرة في حياته حمارًا . ومن فرحته به أخذه إلى سطح بيته.
وصار الرجل يدلل الحمار ويريه مساكن أهله وعشيرته من فوق السطح، .. حتى يتعرف على الدروب والطرق ولا يتوه حين يرجع للبيت وحده.
وعند مغيب الشمس أراد الرجل أن ينزل الحمار من على السطح لإدخاله الإسطبل. .. فحزن الحمار ولم يقبل النزول .
لقد أعجبه السطح وقرر أن يبقى فوقه. توسل إليه صاحبنا مرات عديدة،. حاول سحبه بالقوة أكثر من مرة، أبدا لم يقبل الحمار النزول. الحمار دق رجله بين بلاط السطح، وصار يرفس وينهق في وجه صاحبه والبيت كله صار يهتز . والسقف الخشبي المتآكل العتيق أصبح عاجزا عن تحمل حركات ورفسات الحمار.
نزل الرجل بسرعة ليخلي زوجته وأولاده خارج المنزل، وخلال دقائق انهار السقف بجدران البيت ومات الحمار.
وقف صاحبنا عند رأس حماره الميت وهو مضرج بدمائه..وقال: والله الغلطة مش عليك .. الغلطة عليا أنا اللي طلعتك للسطح.
من الصعب إنزال الحمير الذين تم إيصالهم لمكان غير مكانهم الحقيقي ! لأنهم وببساطة .. لن يعترفوا أبدا أنهم مجرد حمير . وسيحاولون بكل السبل أن يثبتوا العكس .. والذين يجب لومهم ليس هم بالتأكيد . بل الذين أوصلوهم لمكان لايليق بهم أو بمن يتحكمون فيه .
وفي الادب ..
كان حمار بوريدان جائعا عطشانا، وكان يقف على مسافة واحدة من دلو الماء وكومة الطعام . لكنه لم يعرف الى أى طريق يسير . وظل المسكين مترددا ودون قدرة على اتخاذ القرار .
لقد تفلسف الحمار ,.. فمات جوعا !
وأحد الأمثال التي جاءت لتجسد السلبية عند أغلب الناس . مقولة لحمار جحا صارت بينهم مثلا : أربط الحمار مطرح مايعوز صاحبه !
أما الطبيب توما فى حمار الحكيم .. فقد ورث المهنة عن أبيه الذى كان حكيما ماهرا، ولم يكن الإبن فى مهارة أبيه. ولكنه احتفظ بلقب الحكيم رغم جهله وقلة علمه .. لدرجة أن حماره ثار عليه وطالب بأن يركبه .. لا أن يكون مركوبا، قائلا : لو أنصف الدهر كنت أركب .. فأنا جاهل بسيط .. وراكبى جاهل مركب !
وحكى جورج اورويل فى مزرعة الحيوانات.. عن حمار عجوز حكيم يدعى بنيامين لا يظهر سوى القليل من العواطف . ولكنه بقى حيا للنهاية .
وطوال القصة كانت باقى الحيوانات تسأله عن أمتناعه عن إبداء رأيه, .. وكان يجيب دوما: الحمير تعمر طويلا !
وفى مسرحية ظل الحمار للكاتب السويسرى دورينمات .. تدور القصة عن شجار نشأ بين طبيب الأسنان .. الذى أراد الذهاب لبلدة أخرى . فأستأجر حمارا يعينه على مشقة السفر، وفى الطريق ومن شدة التعب .. أراد أن يستظل بظل الحمار الذى أستأجره، فأحتج تاجر الحمير طالبا منه مضاعفة الأجر .. نتيجة استظلاله بظل الحمار.
ونشأ الخلاف وتعمق مما أدى الى اللجوء الى القضاء .
وتحول الأمر كله لقضية تشغل كل الناس .. دون حل!
------------------------------
بقلم: خالد حمزة
[email protected]